يشهد الذكاء الاصطناعي تطوراً متسارعاً، حيث أصبح أداة لا غنى عنها في مختلف الصناعات، ومن ضمنها القطاع المالي، بفضل قدرته على دعم الأعمال والتفاعل مع المستهلكين.
ويعزى الانتشار الواسع لهذه التقنية، إلى انخفاض الحواجز أمام استخدامها، حيث يمكن لأي شخص يمتلك حاسوباً واتصالاً بالإنترنت، أن يتفاعل معها أو يطورها. إلا أن هذا النمو السريع لا يخلو من مخاطر كبيرة، فالذكاء الاصطناعي بات قادراً بالفعل، على دعم الهجمات الإلكترونية التي يقودها البشر.
التهديد يلوح في الأفق: ذكاء اصطناعي قادر على الاختراق الذاتي
قد يصل الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى مرحلة أكثر خطورة تعرف بـ الذكاء الاصطناعي العام AGI، وهو النوع الذي يتمتع بقدرات معرفية مشابهة أو تفوق البشر. في حال تحققه، لن يكون AGI خاضعاً للسيطرة البشرية.
وما لم تتدخل الحكومات والجهات التنظيمية الآن (ورغم ذلك تبقى فرص السيطرة عليه ضعيفة)، فقد يتمكن AGI من الانفلات من قبضة مطوريه، ويبدأ في اختراق أنظمة التشفير الخاصة بالعملات الرقمية بشكل مستقل، بل وقد يتعدى ذلك ليطال البنية الرقمية العالمية بأكملها.
هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على العملات الرقمية؟
شهد الذكاء الاصطناعي طفرة مذهلة خلال السنوات الأخيرة، وأحدث تحولاً عميقاً في عالم التكنولوجيا، لا سيما مع ظهور “الوكلاء الذكيون”، وهي أنظمة دقيقة ومعقدة قادرة على أداء مهام متخصصة، واتخاذ قرارات بحد أدنى من التدخل البشري.
حيث بات الذكاء الاصطناعي جزءًا من الحياة اليومية، بدءًا من السيارات ذاتية القيادة، مروراً برصد الاحتيال والتداول وإنشاء التطبيقات.
من ناحية أخرى، سيكون الجيل التالي من الذكاء الاصطناعي (الذكاء الاصطناعي العام AGI)، قادراً على أداء كل ما يستطيع الإنسان القيام به، بل دون انتظار أي توجيه بشري.
حيث يتمتع AGI بقدرة ذاتية حقيقية على تنفيذ المهام، والتعرف على المهام التي يجب تنفيذها. ويتوقع أن يتحقق هذا التطور خلال العامين المقبلين، بحسب تصريحات علنية من الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان.
الذكاء الاصطناعي: صديق للإنسان وعدوه في الوقت ذاته
على الرغم من الاستخدامات الإيجابية الهائلة، إلا أن الذكاء الاصطناعي بات أداة قوية في أيدي أطراف غير أخلاقية. حيث يتم كسر حماية النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) لإنتاج برمجيات خبيثة، وتستخدم في عمليات احتيال متقدمة، كاستخدام أصوات مزيفة في المكالمات الهاتفية، لإقناع الضحايا بتحويل أموال.
والجدير بالذكر، أنه يمكن لوكيل ذكي مفتوح المصدر، أن يبرمَج على تعقب شخص معين واختراقه، دون توقف حتى ينفذ هدفه. ولكن الخطر الأعظم لا يكمن فقط في الاحتيال، بل في قدرة AGI المحتملة على كسر التشفير الرقمي للعملات الرقمية.
الذكاء الاصطناعي العام وتفكيك التشفير المالي
لطالما كان اختراق التشفير الخاص بعملة البيتكوين، محصوراً ضمن قدرات الحوسبة الكمية Quantum Computing، التي تتطلب موارد وتقنيات لا يملكها إلا عدد قليل من الجهات القانونية.
إلا أن الذكاء الاصطناعي العام AGI قد يغير قواعد اللعبة بالكامل، إذ سيقلل الحواجز أمام الوصول لهذه القدرات بشكل خطير، بل وقد يستخدم تقنيات لم يتم اكتشافها بعد.
ماهي النتيجة المحتملة: نهاية العملات الرقمية؟
بمجرد أن يمتلك الذكاء الاصطناعي أدوات كسر التشفير، فإن أعداد المهاجمين ستتضاعف. حيث لن تكون هذه التقنيات حكراً على من يحاول استعادة محفظته المنسية، بل ستقع في أيدي قراصنة وجماعات غير أخلاقية.
وأبرز أمثلة على ذلك، مجموعة لازاروس الكورية الشمالية، التي تعتبر من أخطر اللاعبين الذين قد يستخدمون الذكاء الاصطناعي كسلاح مالي مدمّر، متجاوزين حدود الاحتيال إلى تفكيك الأنظمة المالية العالمية.
ماذا لو فقدنا السيطرة؟
لا يكمن الخطر الأكبر في سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، بل في فقدان السيطرة عليه تماماً. حيث يستطيع AGI إخفاء نفسه عبر الشبكات الرقمية، والبدء بجمع الثروات، وأول أهدافه ستكون الأسواق المالية والعملات الرقمية.
وربما سيتعقب المتداولين ويزيف الحسابات، ويخترق المحافظ الرقمية ويبيع العملات مقابل ذهب أو سندات أو عملات ورقية، وكل ذلك في ثوانٍ، قبل أن تتمكن أي جهة تنظيمية من الرد.
وفي حال استطاع كسر المفاتيح الخاصة لمحافظ العملات الرقمية، ما الذي سيمنعه من سرقة جميع عملات البيتكوين في السوق خلال دقائق؟ الإجابة الصادمة: لا شيء.
اقرأ أيضاً: OpenAI تخفف قيود الحماية على توليد الصور بالذكاء الاصطناعي في ChatGPT
هل مازال هناك أمل؟
إذا لم تتحرك الحكومات بسرعة لوضع ضوابط حقيقية، فقد يكون AGI قادراً على تدمير النظام المالي العالمي، وليس فقط العملات الرقمية، بل الإنترنت وأجهزة إنترنت الأشياء وشبكات الكهرباء، وأكثر من ذلك.
لكن المشكلة الجوهرية هذه المرة، هي أن التكنولوجيا لا تأتي من الحكومات (كما حدث مع الإنترنت وGPS وغيرها)، بل من شركات خاصة في وادي السيليكون، بسرعة تفوق قدرة الأنظمة الرقابية على الاستيعاب أو المواكبة.
في النهاية، فإن العملات الرقمية ليست سوى وسيلة لجمع الثروات بالنسبة للذكاء الاصطناعي، ووسيلة لتحقيق سيناريو كارثي في وقت قياسي.