انتقل المغرب في تحول استراتيجي لافت، من فرض حظر صارم على العملات الرقمية منذ عام 2017، إلى العمل على تنظيم هذا القطاع والتمهيد لتبنيه. حيث جاء هذا التحول بعد سنوات من الشكوك العالمية تجاه العملات الرقمية، بسبب طبيعتها المتقلبة وغير المنظمة.
من الحظر إلى التنظيم
قررت الحكومة المغربية حظر العملات الرقمية في 2017، حيث استندت إلى مخاوف من زعزعة الاستقرار المالي وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وكانت تلك الخطوة تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني.
لكن في عام 2024، يشهد المشهد المالي المغربي تحولاً عميقاً. فقد أعلن بنك المغرب (البنك المركزي)، عن إعداد مسودة لتنظيم العملات الرقمية، الأمر الذي يمثل لحظة محورية في سياسة البلاد المالية.
من جهته أكد محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، أن المسودة هي قيد المراجعة، في خطوة تسعى لدمج العملات الرقمية ضمن الاقتصاد الرسمي.
وهذا التوجه يتماشى مع الاتجاه العالمي نحو تنظيم الأصول الرقمية، حيث أن بلدان عديدة مثل الصين وبوليفيا (التي كانت ناقدة بشدة للعملات الرقمية)، باتت الآن تطور أطراً للاستفادة من إمكانياتها.
إضافة إلى أن أكثر من 130 دولة، تستكشف إصدار عملات رقمية للبنوك المركزية CBDC.
والجدير بالذكر، أن المغرب يسعى من خلال هذا التحول، إلى تعزيز الشمول المالي، حيث أن 42% من السكان ما زالوا غير مشمولين بالخدمات المصرفية. ومع استخدام العملات الرقمية والمحافظ الذكية، يمكن للمغاربة ادخار الأموال والاستثمار وإجراء تحويلات مالية عبر الحدود بسهولة.
صعود العملات الرقمية في السوق غير الرسمية
على الرغم من الحظر الذي فرض في 2017، إلا أن العملات الرقمية ازدهرت في الاقتصاد غير الرسمي بالمغرب. حيث احتلت البلاد مكانة بين أفضل 20 دولة في العالم، في تبني العملات الرقمية عام 2023، بحسب تقرير Chainalysis. كما صُنف المغرب في المرتبة 13 عالمياً في استخدام البيتكوين.
في المقابل، ارتفعت نسبة امتلاك العملات الرقمية بين السكان، من 2.4% في عام 2021، إلى 3.1% في عام 2022. إلا أن الحظر دفع هذا النشاط إلى الأسواق غير المنظمة، مما كشف الحاجة إلى قواعد رسمية، لإدارة المخاطر والاستفادة من إمكاناتها.
التحديات المستقبلية
تواجه الحكومة المغربية تحديات كبيرة في تبني العملات الرقمية، والتي تشمل:
- وضع لوائح واضحة: تتضمن مكافحة غسيل الأموال AML وإجراءات التحقق من هوية العملاء KYC.
- التوعية العامة: معظم المواطنين يفتقرون إلى المعرفة الكافية بالعملات الرقمية، مما يجعل التثقيف ضرورة لتعزيز الفهم والاستخدام المسؤول.
- البنية التحتية التقنية: تحسين الوصول إلى الإنترنت في المناطق الريفية، وتأمين منصات المعاملات الرقمية.
- الأمن السيبراني: حماية المستخدمين من الاحتيال والاختراقات.
اقرأ أيضاً: المغرب: البنك المركزي يعتزم تنظيم العملات الرقمية
إضافةً إلى ذلك، يجب على المغرب التعاون دولياً لضمان توافق سياساته مع المعايير العالمية، مما يعزز الاستقرار المالي ويحمي المستخدمين.