يتطلع الجميع في مجال التمويل إلى الذكاء الاصطناعي، حيث يحاول كل بنك وكل وسيط معرفة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في إدارة الثروة، ليس فقط للأثرياء بل للجميع. فهو يشكل في الواقع تهديداً لأولئك الذين لا يلحقون بالركب بالسرعة الكافية.
من جهة أخرى، يتعلق الأمر باختيار المزيج الصحيح من الاستثمارات، وتعديلها مع تغير الأشياء. حيث يتولى المستشارون البشريون ذلك في الوقت الحالي، ولكن هل من الممكن أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على القيام بذلك بشكل أفضل؟
المشكلة مع المستشارين الروبوتيين
لاشك بأن إدارة الثروات عملية مكلفة، ولا يستطيع أغلب الناس تحمل التكاليف المرتفعة، وهذه إحدى المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد فيها. حيث يمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، أن تقدم المشورة المخصصة بتكلفة أقل، مما يتيح الوصول إلى الأشخاص الذين تم استبعادهم في السابق، لأن ثرواتهم لم تكن كافية لتبرير سعر المشورة البشرية.
ولكن هنا تكمن المشكلة الصغيرة، حيث لم يكن المستشارون الروبوتيون شائعون تماماً، حتى عندما يقدم الذكاء الاصطناعي أفضل مزيج من الأسهم أو السندات أو الصناديق، فإنه لا يكفي مجرد تقديم الاقتراحات، والمشكلة الحقيقية التي ينبغي حلها هي التواصل.
من ناحية أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل آلاف الأدوات المالية في ثوانٍ، ويعرف الأرقام والعوائد السابقة والمخاطر، ولكن فهم الناس هي قصة مختلفة. حيث لا يمكن للذكاء الاصطناعي التقاط السرديات الشخصية، أو التحولات في التوقعات التي تحدد من نحن كمستثمرين.
فالأمر يتعلق بالعواطف، وقرارات الادخار أو الإنفاق أو الاستثمار، والتخطيط الطويل الأجل، وهذه الأشياء شخصية للغاية، وحتى المستشارون البشريون يكافحون لفهمها (أحياناً). إذن كيف يُفترض أن يقوم المستشار الروبوتي بذلك؟
والجدير بالذكر أنه لتحقيق تقدم حقيقي، يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى أن يكون أكثر ذكاءً. حيث يحتاج إلى فهم كيفية عمل المستشارين، وليس مجرد إلقاء توصيات عامة، ولا يكفي التوصية بنفس المنتجات مراراً وتكراراً. كما يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى التعلم من التفاعلات مع العملاء، وفي حال لم يتمكن من شرح المحفظة بعبارات بسيطة، فلن يثق به أحد أبداً.
اللامركزية هي المفتاح
يبدو أن مديري الأصول عند مفترق طرق الآن، حيث يجب أن تُمنح السلطة لكل من المستشار والعميل، لكي يكون الذكاء الاصطناعي مفيدة حقاً. وهذا يعني لامركزية العملية، والسماح للمستشارين باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات أفضل.
فالأمر لا يتعلق باتباع خطة مركزية وضعها بعض كبار مسؤولي الاستثمار، الذين يحاولون دفع المنتجات ذات الهامش المرتفع. كما قد تؤدي لامركزية القرارات، إلى تعقيد العملية للشركات التي تحاول بيع هذه المنتجات، فالامتثال والمخاطرة هي أيضاً تحديات.
اقرأ أيضاً: Meta تستأنف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة
ويمكن القول أنه في حال استمر دفع الذكاء الاصطناعي إلى آفاق جديدة، فقد نرى قريباً وكلاء روبوتيون، يمكنهم إجراء محادثات سلسة وحقيقية مع العملاء. وعندما يحدث ذلك، فسيتغير كل شيء.